يعتبر العنف ظاهرة لا تقتصر على الكبار فقط بل تنتشر أيضا بين الأطفال مما يسترعي الاهتمام نظراً لما للعنف بشكل عام من تأثيرات اقتصادية واجتماعية. إن العنف هو الضغط النفسي أو المادي بطريقة فردية أو جماعية على شخص ما أو مجموعة من الأشخاص. وفي ضوء هذا التعريف تظهر أنواع العنف لكن جميعها تخفي خلفها أسبابا موحدة.
وتعتبر الأسرة عنصرا من عناصر إكساب الطفل العدوانية والسلوك العنيف. فوجود طفل معاق يخلق لدى الأهل صعوبات في تقبل الطفل وحالته وفي التواصل معه، مما يدفع بالأهل إلى اعتماد أسلوب عنيف مع الطفل فيكون عرضة لعنف دائم ومستمر، هذا فضلا عن شعور الأهل بأنه عبء مادي و عيب اجتماعي.
ثم إن إلقاء كل فرد من أفراد الأسرة اللوم على الآخر، يجعل من الطفل الضحية الأولى لوضعه ولأسرته على حد سواء، خاصة إن وجود هكذا حالات قد تؤدي إلى تفكك اسري يخلق معه عنفا متزايدا ومتناميا. كما أن العوامل التي تعرض الطفل للعنف تجعله عدوانياً في مجتمعه.
كما أن الصراع داخل الأسرة على السلطة المؤدية إلى العنف والمشاكل بين الوالدين يدفع بالطفل إلى تقليد ما يراه علما أن الطفل ذا الحاجة الخاصة له قدرة كبيرة على التقليد، فهو قادر على أداء العنف الذي يتعرض له أو يراه بطريقة واضحة ومؤلمة.
ومن أسباب عنف الأطفال أيضاً ما هو نفسي نابع من وضع الطفل وحالته بحد ذاتها، وهو قد يكون أهم أسباب العنف عند الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن عجز الطفل عن التواصل والتعبير خاصة في أوقات الحزن والألم يجعل العنف في أوضح صوره.
وهكذا يكون انقطاع الطفل عن العالم الخارجي وغياب قدرته على التواصل ولو بكلمات بسيطة أو حتى بالإشارة تجعله في حالة مربكة.
العلاج
تقتضي ظاهرة العنف تدخلا دائما من الأسرة ودور مراكز رعاية أصحاب الحاجات الخاصة في توجيه الطفل ووقايته من العنف.
إن للأسرة ومراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة دورا هاما في معالجة حالة العنف هذه. فعلى أفراد الأسرة اتخاذ موقفين متلازمين: يتمثل الأول في عدم إظهار مشاكلهم وتعنيف كل واحد للآخر أمام طفلهم، على أن تحل المشاكل بعيداً عن الطفل وإبقاء جو الهدوء والتناغم بين أفراد الأسرة كي ينتقل هذا الجو إلى الطفل.
يحتاج الأهل بدورهم إلى المساعدة إما من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية. لذلك فإن مراكز الرعاية الخاصة تلعب دورا كبيرا في هذا المجال، إذ تساعد الأسرة معنويا بتقديم الدعم والمساندة. فهم يزودون الأهل والأسر بالمعلومات اللازمة عن الطفل وحالته كما تساعدهم على تقبلها وتفهمها والتعايش معها.
ولا تقتصر المساعدة على هذه المراكز فقط إنما تتعداه لتشمل المجتمع والنظام ككل كونه راعيا لأفراده وحافظ لحقوق مواطنيه. فكما ترعى الأنظمة والقوانين حقوق المواطنين الأسوياء وتحافظ على مصالحهم وحقوقهم، عليها أولا أن تضع القوانين التي تحمي حقوق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وعليها ثانيا أن تسهر على تطبيق هذه القوانين وفق ما يضمن العدالة للجميع.